فجّرت وكالة "الأونروا" أزمة خلافات جديدة مع القوى السياسية والشعبية في لبنان، بعدما أعلنت في بيانٍ رسمي عن بدء توزيع حصص تموينية (كرتونة غذائية) عشية بدء شهر رمضان المبارك، للذين سجلوا في عملية التحقق الرقمي حتى 23 كانون الثاني 2025، فيما لن يشمل التوزيع الأفراد الذين تقدموا بطلب التحقق بعد هذا التاريخ.
وتؤكد مصادر فلسطينية لـ"النشرة" أن سبب الأزمة يعود إلى توزيع حصص تموينية بدلًا من مساعدة مالية قيمتها 50 دولارًا، كانت الوكالة قد أعلنت عنها مع بدء اللاجئين التسجيل في عملية التحقق الرقمي، ما أثار استياءً سياسيًا وشعبيًا، إذ جاء القرار دون التشاور مع المرجعيات الفلسطينية، وهي ليست المرة الأولى التي تعمد فيها المديرة العامة، دوروثي كلاوس، ذلك وتثير زوبعة من الاعتراض.
وتوضح المصادر أن قيمة الكرتونة لا تساوي أكثر من 15 دولارًا أميركيًا، وهي غير كافية لتلبية احتياجات اللاجئين في ظل الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي يترنحون تحت وطأتها منذ سنوات، مع تقليص الوكالة لخدماتها، ومع بدء شهر رمضان المبارك حيث تزداد النفقات، ناهيك عن اعتماد مراكز خارج المخيمات، ما يكبّد اللاجئين المستفيدين المشقة ومصاريف النقل، التي قد تفوق قيمة الكرتونة نفسها.
وتساءلت المصادر عن الأسباب الحقيقية لمراوغة الأونروا في الإعلان عن شيء –توزيع مساعدة مالية– وتنفيذ شيء آخر –توزيع حصص تموينية– ما أثار سخط اللاجئين، فدعا بعضهم إلى رفض هذا القرار والتفرد به، والبعض الآخر إلى عدم استلام "الكرتونة" على اعتبارها إهانةً لكرامتهم واستخفافًا بمعاناتهم المعيشية، في ظل البطالة والغلاء وارتفاع الأسعار.
وعلّقت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) أنه منذ أكثر من ثلاثة أشهر، أعلنت الأونروا عن نيتها توزيع مساعدات إغاثية عينية على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، كبديلٍ للمساعدات المالية الدورية التي توقفت منذ تموز 2024، لفئات تشمل الأطفال، المسنين، وذوي الاحتياجات الخاصة. وقد اشترطت تسجيل جميع أفراد الأسرة عبر نظام التحقق الرقمي، كشرطٍ أساسي للاستفادة من هذه المساعدات والخدمات المستقبلية التي تقدمها.
وقالت: رغم هذه الظروف، قررت الأونروا توزيع طرود إغاثية تحتوي على كميات محدودة من الحبوب وبعض المعلبات، تُقدَّر قيمتها بـ15 دولارًا أميركيًا، ولمرة واحدة فقط، وفقًا لشهادات عددٍ من اللاجئين الذين تلقوا هذه المساعدات، وتشمل كميات محدودة من الحبوب وبعض المعلبات، وتوزّع لمرة واحدة فقط.
وأضافت: كما تم تحديد أماكن التوزيع خارج المخيمات والتجمعات السكنية، في ساحاتٍ عامة، مما أثار تساؤلاتٍ حول الأثر اللوجستي والاقتصادي على المستفيدين، خاصةً أن تكلفة الوصول إلى هذه المواقع قد تعادل قيمة المساعدات المقدَّمة، فضلًا عن المخاوف المتعلقة بكرامة اللاجئين.
ودعت مؤسسة "شاهد" الأونروا إلى اتخاذ إجراءاتٍ أكثر استجابةً لحاجات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، من خلال:
إطلاق نداء طوارئ دولي لتأمين مساعدات مالية وعينية مستدامة للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
إعادة النظر في آليات توزيع المساعدات، سواء من حيث محتويات الطرود أم مواقع توزيعها، لضمان سهولة الوصول إليها.
توزيع المساعدات داخل المخيمات، حفاظًا على كرامة اللاجئين وتقليل الأعباء المالية المرتبطة بالمواصلات.
إعادة صرف المساعدات المالية الدورية للفئات الأكثر ضعفًا، بما يشمل الأطفال، المسنين، وذوي الاحتياجات الخاصة.
توسيع نطاق برنامج "العسر الشديد" ليشمل العائلات الأكثر احتياجًا، نظرًا لارتفاع معدلات الفقر في أوساط اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
يُذكر أن التحقق الرقمي قد أثار أيضًا جدلًا حول الأعداد الحقيقية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، بعدما أعلنت المديرة العامة للوكالة في لبنان، دوروثي كلاوس، أن لبنان يستضيف 222 ألف فلسطيني، بما في ذلك 27 ألفًا من فلسطينيي سوريا، بينما لا يقل عدد المسجَّلين في قيود الأونروا عن 540 ألفًا، فيما أظهرت نتائج "التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان"، الذي أجرته إدارة الإحصاء اللبنانية بالشراكة مع إدارة الإحصاء المركزي اللبناني والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، في العام 2017، برعاية لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، أن العدد يبلغ 174,422 لاجئًا فقط.